في أحد الجلسات النقاشية حول الحملة التسويقية القادمة. تطرأ على ذهن أحمد فكرة، يقرر مشاركتها مع المجموعة. يفعل ذلك متحمسًا لسماع إضافاتهم على الفكرة، لكنّه يفاجأ بردود أفعال عكسية: "إيه الفكرة الغبية دي! – لأ هي الحقيقة مش فكرة عملية أبدًا – محتاجين أفكار تاني دي مش هتنفع".

ماذا لو كنت في موضع أحمد؟ على الأغلب ستشعر بالضيق الشديد لأنّ الفكرة لم تأخذ حقها، وأنّ جميع الردود جاءت سطحية تمامًا، إذ أنت ذاتك تدرك أنّ فكرتك تحتاج إلى المزيد من المجهود. تقرر أنّ المرة القادمة لن تشارك برأيك، حتى لو كانت فكرتك عبقرية.

دعني أسألك: ألا تشعر أنّ القصة مألوفة بعض الشيء؟ على الأغلب قد تعرضت لها في أثناء عملك مرة على الأقل، وربما لم يكن مقصد الطرف الآخر هو إحباطك، لكنّه لم يجد التعبير عن فكرته. وبين ما تشعر به وبين ما يقصده فعلًا؛ الكثير من المشاعر السلبية التي تترك آثارها بداخلك. ويبقى السؤال الأهم؛ ما هي الآلية المناسبة لفحص أي فكرة جديدة؟ ببساطة الإجابة هي؛ العصف الذهني.

3 نقاط مهمة لتطبيقها على أفكارك دائمًا

ربما تكون قد قرأت محتوى سابقًا عن العصف الذهني، وما هي الطرق المناسبة لتطبيقه. لذا، سأحدثك أولًا عن جزئية مهمة، قبل الدخول إلى طريقة التطبيق. وهي كيفية تطبيق نظام الـ"LCS" من أجل تطوير الأفكار الجديدة، ويمكنك استخدام هذا النظام كجزء من العصف الذهني.

السر الرئيسي لهذا النظام هي أنّه يعمل كنظام مكمل للعصف الذهني، يزيد من فاعليته ومن قيمة النتائج النهائية التي تخرج بها من الجلسة. إذ تركّز أغلب طرق العصف الذهني على إنتاج الأفكار، لكنّها لا تتحدث عن كيفية استثمار هذه الأفكار جيدًا، وهذا ما يفعله نظام الـLCS، الذي يشير إلى اختصار لثلاث كلمات، تعبّر كل واحدة منها عن نقطة مهمة في تطوير الأفكار.

1- L (Likes): ما هي الأشياء التي أعجبتك في الفكرة؟

يجب أن تبدأ الحديث عن الفكرة بالنقاط التي أعجبتك، وهذا مهم من أجل توجيه الجميع إلى التفكير بطريقة إيجابية، تشجّع الكل على التفكير، ومن ثم تقديم تصورات مبدعة في أفكاره. في هذه النقطة لن يتحدث أحد عن أي شيء سوى النقاط المميزة في الفكرة.

من المهم تطبيق هذه النقطة مع كل فكرة جديدة تُطرح من أحد الأشخاص. ماذا لو كنت لا تراها مناسبة؟ لا يعني هذا أنّ الفكرة ذاتها لا يوجد بها شيء إيجابي. لذا، تحدث عن هذا الشيء أولًا بصفة عامة، قبل الدخول إلى بقية النقاط، فهذا يجعل الشخص أكثر قابلية للاستماع إليك.

2- C (Concerns): ما هي التحفظات على الفكرة؟

بعد التأكد من طرح جميع النقاط الإيجابية، وأنّ الشخص حصل على الدعم المطلوب، يمكنك الانتقال إلى الحديث عن تحفظاتك على تنفيذ الفكرة. يعتمد العصف الذهني على تجنب النقد، بالتالي بدلًا من طرح نقاط التحفظ على هيئة تعليقات سلبية، لكن يمكنك فعل ذلك على هيئة أسئلة.

يؤدي ذلك إلى تشجيع الشخص وجميع المشاركين إلى التفكير جيدًا في الحلول المناسبة، بدلًا من محاولة تبرير الفكرة. كما أنّ هذا يشجّع الشخص على عدم الشعور بالرفض المطلق له ولفكرته. مثلًا بدلًا من قول "هذه الفكرة غير ملائمة لنا"، يمكنك قول "هذه الفكرة جيدة لكنّها بعيدة عن مجالنا، فكيف يمكننا تطويرها لتتفق معنا؟".

3- S (Suggestions): ما هي المقترحات الإضافية للفكرة؟

دعنا نشبّه الفكرة الأصلية بالبذرة التي تغرسها في الأرض، ثم تبدأ في سقيها بالماء حتى تحصل على النبات. في حالة الفكرة فطريقة السقي تتمثل في طرح المزيد من المقترحات والأفكار الإضافية، إذ يزيد هذا من احتمالية الخروج بفكرة أفضل كليًا.

أو ربما سنخرج بعدد كبير جدًا من الأفكار المبدعة من التطوير، التي يمكننا تطبيقها حاليًا مع هذه الفكرة، أو ينتج عنها أفكار جديدة تمامًا، يمكن تطبيقها الآن، أو الاحتفاظ بها للمستقبل.

7 خطوات لتطبيق العصف الذهني

أولًا ضع نظام الـLCS في ذهنك باستمرار، واحرص على تطبيقه على جميع الأفكار التي ستطرح في جلسة العصف الذهني. لكن يظل هناك احتياج لاستخدام خطوات عملية لتضمين النظام في جلسة العصف الذهني، إلى جانب القواعد الأساسية الخاصة بالعصف الذهني ذاته. لذا، يمكنك فعل ذلك من خلال الخطوات السبعة التالية:

الخطوة الأولى: البدء بمجموعة صغيرة من الأفراد

إذا نظرت للأمر حسابيًا، سترى أنّ وجود عدد كبير من الأفراد، يعني الحصول على أفكار كثيرة. لكن هذا ليس الواقع دائمًا، فالأمور لا تسير بهذه الطريقة البسيطة دائمًا. في العصف الذهني أنت بحاجة إلى البدء بعدد قليل من الأفراد، تعرف أنّهم يملكون المقومات للمشاركة معك في التفكير، سواءً مناقشة فكرة حالية، أو اقتراح المزيد من الأفكار.

إذا كنت تطبق العصف الذهني داخل الشركة، في هذه المحالة سيكون لديك خيارين:

  • تطبيق نظام العصف الذهني مع فريق العمل كاملًا، المتمثل في جميع أفراد الشركة.

  • اختيار جزء محدد من فريق العمل المختص، مثلًا قسم واحد فقط مثل كتابة المحتوى، أو قسمين يعملان معًا، مثل كتابة المحتوى وتصميم الجرافيك.

لا يوجد تفضيل لعملية الاختيار، لكن كما ذكرت لك، لا تحضر عددًا كبيرًا إلى جلستك، إلّا إذا كانت هناك حاجة إلى ذلك، وإلّا فيمكنك الاكتفاء بالأشخاص المعنيين بالأمر، أو من سيقدم لهم الإضافة من بقية الأفراد في فريق العمل.

الخطوة الثانية: دعوة أشخاص من خارج فريق العمل

في بعض الأحيان نحتاج إلى وجود أشخاص جدد في جلسة العصف الذهني، إذ يمكن لوجودهم تحسين التفكير داخل المجموعة، ويضيف قيمة أكبر إلى الأفكار المطروحة. يمكن لك على سبيل المثال دعوة:

  1. خبراء في المجال، لديهم خبرات مفيدة للفريق في موضوع الجلسة.
  2. أشخاص من المجال، سبق لهم العمل في تجربة مشابهة لما ترغب القيام به.

بالتالي، إذا كان هناك بعض الأشخاص الذين تؤمن بأنّ وجودهم سيساعدك، حتى لو من خارج فريق العمل، فمن الممكن طلب مشاركتهم في الجلسة، ثم بعد الانتهاء من الحصول على الأفكار المطروحة بواسطتهم، يمكنك متابعة العمل مع فريقك الأساسي.

الخطوة الثالثة: اختيار المكان والزمان بدقة

الحكمة تقول أنّ الأفكار الجديدة تحتاج إلى أماكن جديدة. لذا، يُفضل قدر الإمكان تجنب عقد جلسة العصف الذهني في نفس المكان المعتاد، إذ التغيير سيكون أفضل. تلجأ بعض الشركات إلى عمل العصف الذهني في مكان مفتوح، من أجل تحفيز الإبداع والمشاركة. بالتالي بعيدًا عن العمل والمكان التقليدي، سيتحفز الأفراد للتفكير وإخراج أفكار جديدة غير تقليدية.

بالطبع، لا يقتصر الأمر على المكان فقط، لكن أيضًا على اختيار الزمان. إذ يُفضل اختيار وقت لا يكون لدى أحد الأفراد مسئوليات أو ضغوطات معينة، بالتالي يكون لديهم الاستعداد والحضور الذهني قبل الجسدي في الجلسة.

أيضًا بعد اختيار الزمان، من المهم الاتفاق مع الفريق على الموعد مسبقًا، بدلًا من مفاجأتهم بالجلسة. بالتالي، سيكون بإمكانهم تنفيذ المهام المطلوبة منهم قبل موعد الجلسة، فيكون تركيزهم أكثر في الأفكار. إلى جانب التهيئة النفسية والبحث عن أفكار مسبقة لموضوع الجلسة، بدلًا من الاعتماد على الأفكار المفاجئة، التي قد لا تحضر بسهولة. فتضمن وجود أفكار ذات جودة لمناقشتها في الجلسة.

الخطوة الرابعة: الاتفاق على قواعد الجلسة

بالنسبة لي، تمثل هذه الخطوة التحويل الفعلي لنظام الـLCS من الحيز النظري إلى الواقع العملي، وذلك من خلال الاتفاق على قواعد الجلسة، والحرص على توضيحها جيدًا، حتى يكون لدى الجميع فهم كامل لها. تشمل أهم قواعد العصف الذهني:

  • توضيح الشخص المسئول عن تيسير الجلسة، سواءً ستتولى أنت فعل ذلك، أو ستُكلف شخص آخر بهذه المهمة.
  • توضيح الشخص المسئول عن تسجيل الملاحظات، وهذا الدور مهم جدًا من أجل تذكر الأفكار لاحقًا.
  • التأكيد على أنّه لا توجد فكرة سيئة أو مرفوضة، بالتالي غير مسموح بالنقد أو الرفض المطلق للأفكار.
  • تشجيع الجميع لمشاركة الأفكار التي تدور في أذهانهم مهما كانت خيالية في تصورهم.
  • ضرورة الانتباه إلى أسلوب المشاركة، والاعتماد على مراحل الـLCS وفقًا للمسار المتّبع من ميسّر الجلسة.

سيؤدي وجود هذه القواعد إلى تشجيع كل فرد على المشاركة بما لديه، ويحمس الجميع للتواجد في الجلسة دون الخوف من عرض الأفكار الشخصية، بسبب وجود قواعد تحكم الجلسة.

الخطوة الخامسة: تعامل كقائد للمجموعة لا المتحدث بها

الهدف الأساسي من العصف الذهني، هو إتاحة الفرصة للأفراد للمشاركة بأفكارهم الشخصية، من أجل الاستفادة منها. بالتالي، لا بد من توفير هذه المساحة لهم جيدًا، من خلال إتاحة الفرصة لهم للتحدث والتعليق والإضافة على الأفكار، لا أن تحاول فرض أفكارك أنت أو الحديث طوال الجلسة.

من أهم الأشياء التي ستحتاج إليها هو تعلّم كيفية تشجيع الأفراد للمشاركة، فأحيانًا ما يكون هناك بعض الأشخاص غير المتحمسين للمشاركة. لذا، يمكنك الاعتماد على طرح الأسئلة، التي ستحفز الفريق على التفكير، من أهم أمثلة الأسئلة:

  1. تشجيع مشاركة البدائل الأخرى: ماذا أيضًا يمكننا تنفيذه في هذا الجزء؟ يؤدي ذلك إلى جمع عدد أكبر من الأفكار، دون إبداء الرفض لفكرة معينة.
  2. تشجيع التفكير على المدى البعيد: في حالة واجهتنا قيود معينة في أثناء التنفيذ، مثل كذا وكذا وكذا، كيف يمكننا التعامل معها؟ هذا السؤال تحديدًا يساهم في حل المشكلات المستقبلية مبكرًا، ويفيد في حالة شعورك بأنّ الفكرة لا تناسب عملك، فإمّا يقنعك الشخص بقابلية تنفيذها، أو يقتنع ضمنيًا بوجهة نظرك أنّ الفكرة جيدة لكنّها لا تتفق معكم.
  3. إشراك وجهات نظر أخرى: في تفكيركم لو شاركنا في هذه الجلسة (طفل، شخص عاطفي، شخص ناقد بطبعه طوال الوقت، ...وغيرها)، كيف ستكون رؤيته للفكرة؟ يؤدي ذلك إلى تناول الفكرة من زوايا مختلفة.
  4. التوضيح: لم أفهم جيدًا المقصد من الفكرة، هل يمكنك إعادة شرحها أو صياغتها بطريقة أخرى؟
  5. تحويل الفكرة إلى التنفيذ: كيف يمكننا تنفيذ الفكرة في أرض الواقع فعلًا؟ وما هي الخطوات المناسبة لفعل ذلك؟

في الواقع لا يوجد نمط ثابت لا بد من اتّباعه باستمرار في طرح الأسئلة، والهدف ليس نوعية السؤال في حد ذاته. لكن الهدف هو الاستفادة من دور الأسئلة في تحفيز عملية التفكير، وتشجيع الأفراد على المشاركة، مع ضمان الحصول على مشاركات فعّالة وذات قيمة وإضافة حقيقي لكل فكرة، يمكننا استثمارها في أرض الواقع فعلًا.

الخطوة السادسة: تسجيل الأفكار والمداخلات

في أثناء الجلسة، ومع قيادتك لها بطريقة ناجحة، ستجد الحماس والكثير من الأفكار. الطريقة الأفضل للاستفادة من هذه الأفكار هي تسجيلها، لضمان العودة إليها مستقبلًا والاستفادة منها كاملة، فلا يجب ترك الأمر للذاكرة أبدًا، لأنّ هذا يؤدي إلى نسيان بعض الأفكار.

يمكنك إسناد هذه المهمة إلى شخص يتولى مسئولية كتابة الملاحظات، أو حتى الاعتماد على تسجيل الجلسة من خلال الموبايل أو التطبيق المستخدم مثل زووم في حالة الأونلاين، حتى يمكنك الرجوع إلى التسجيل بعد جلسة العصف الذهني وتفريغه للخروج بالمحتوى المناسب. يمكنك التركيز على تسجيل الأفكار كالتالي:

  • أفكار مناسبة للاستخدام في الوقت الحالي.
  • أفكار جيدة لكن يمكن تنفيذها مستقبلًا.
  • أفكار بلا تصور واضح للتنفيذ (قد تكتشف قيمة هذه الأفكار مستقبلًا).

الخطوة السابعة: مراجعة الملاحظات بعد انتهاء الجلسة مباشرةً

الخطوة الأخيرة هي مراجعة الملاحظات، ويُفضل أن تفعل ذلك بعد انتهاء الجلسة مباشرةً. إذ في هذه الحالة ستكون أفكارك طازجة، وحاضرة في ذهنك بشكل واضح. بعد ذلك يمكنك تفريغ الملاحظات المكتوبة، والخروج بالأفكار النهائية، لتبدأ في تنفيذها فعليًا على أرض الواقع.

الشيء الجيد في العصف الذهني، هي أنّ دوره لا يقتصر فقط على تطوير الأفكار، لكنّه يساهم في تعزيز دور كل شخص في الفريق، ويضمن استثمار قدراتهم جميعًا بطريقة جيدة. يفيدك هذا على مستوى الفريق، وكذلك يفيدهم على المستوى الفردي، إذ يجعلهم يشعرون بقيمتهم الحقيقية بالنسبة لك.

لذا، احرص على تطبيق نظام الـLCS دائمًا، وتطبيق جميع خطوات جلسة العصف الذهني، لتضمن حصولك على مجموعة قوية من الأفكار والأفراد في آنٍ واحد.

شاركنا تجربتك السابقة مع العصف الذهني، وكيف كانت النتائج؟