أنت هنا لأنك من عشاق أعمال كريستوفر نولان الإبداعية، أو أنك محاصر بين عدة مهام، وتريد استخدام هذا المفتاح السحري لإنقاذك في مهام كتابة المحتوى، أو أنك وقعت بحُب عنوان المقال من النظرة الأولى. 

هكذا يقع القرّاء في غرام القصص والأعمال الدرامية. يعتمد نجاح القصة على مدى قوة المغزى منها والدروس المستفادة التي تصنع فارقًا حقيقًا في حياتهم. يعد فيلم Tenet مفتاح سحري حقيقي لهيكلة قصصية مُحبكة.

كيف تطبّق تكنيك فيلم Tenet (الانعكاس الزمني) بطريقة عملية؟ 

إن أردت تحليل أي رواية أو تعلّم كتابة المحتوى عن طريق مراقبة أفضل الكتّاب .. فعليك بتطبيق تكنيك ،Tenet وأن ترجع بالزمن وتتخيل أنك داخل ذهن الكاتب.. كيف كان يفكر؟ ماذا طرأ على ذهنه؟ 

أتشعر بالخوف من التجربة؟ لا تخف .. ادخل ملحمة العقول بقوة وشجاعة ولا تتراجع.. كُن ضد الزمن.. وتراجَع في حالة واحدة: فقط من أجل التقدم بشدة.

حسنًا لقد كان الكاتب يفكّر بالزمن.. كيف نرى الزمن؟ هل يمكن العودة للماضي أو معرفة المستقبل؟ ماذا لو أصبحنا ضد الزمن؟ ما هو الانسياب الزمني؟ بعد تسلّلك داخل ذهن الكاتب ومعرفة تلك الأسئلة التي خطرت على ذهنه، عليك الآن أن تفكر مثله تمامًا؛ لو كنت مكانه؟ ما هي خطوتك التالية؟

لو كنت مكانه لقمت ببحثٍ شامل عن الزمن، ومحاولة فهم النظرية الذرية الحديثة؛ الإلكترون والبوزيترون.. تاريخ الفيزياء ونظرياته. 

ماذا بعد؟ كنت سأدرس جيدًا ركائز الرواية الناجحة ومكوناتها الأساسية، ثم سأضع كل حدث بمكانه الصحيح تمامًا كتجميع البازل وإيجاد الحلقة المفقودة كي تكتمل الصورة.

هكذا تتراجع بالزمن خطوة بخطوة كي تصل لذروة النجاح واستخراج كل مقومات الرواية وتحليلها بالطريقة التي تجعلك قادرًا على خلق عدة روايات أخرى. وهذا لا يكتمل دون دراسة فن السرد القصصي Storytelling.

ما هو السرد القصصي Storytelling؟

من قديم الزمان، وعقولنا تنجذب للقصص والأساطير، للروايات والحكايات، لكل نوع من كتابة المحتوى يقوم على السرد القصصي، وهذا هو فن الـ Storytelling.

الـ Storytelling في التسويق هو فن اختيار  خدمة أو منتج خاص بالعلامة التجارية، ثم محاولة سرد أهميته والفوائد التي تعود عليك منه عن طريق قصة متكاملة الأركان، ومنها تتضح رسالتك التسويقية جيدًا في أبهى صورها.

تمامًا كما حقق فيلم Tenet أرباحًا؛ إذ بلغت إيرادته 359 مليون دولار حول العالم بعد طرحِه بشهرين فقط، وذلك لأنه اعتمد على طريقة جذابة وغامضة في سرد الأحداث، كما توفرت بِه كل مكونات القصة بطريقة ممتازة.

ما هي المكونات الأساسية للقصة، وكيف يمكن استخدامها أثناء رحلتك الإبداعية؟

 في كل نوع من كتابة المحتوى هناك مكونات أساسية لا بد من وجودها، وبالتالي في القصص أيضًا هناك مجموعة من المكونات أيضًا التي يجب تواجدها باستمرار.

  • التيمات : والتيمة يُقصد بها موضوع القصة أو الرسالة أو الفكرة العامة التي نرغب بسردها.
  • الفضاء: ويُسمى (الفضاء الحكائي) أي أنه الزمان الذي تمت به القصة، وكذلك مكانها.
  • الحبكة: تلك الحبكة الدرامية أي تسلسل الأحداث التي تتطور بتطور مجرى السرد في الحكايات­.
  • الوصف: عليك وصف شخصية وملامح وملابس الشخصية أو بطل الحكاية بالأخص، كي تساعد القارئ على التخيّل. 
  • الصراع الدرامي: وهي النزاعات التي تثير فضول القارئ للاستمرار حتى النهاية، وهي مسئولة عن تحريك النص، لذا يُفضّل أن تكون أحداثًا مشوّقة ومثيرة للاهتمام. 

يمكنك أيضًا قراءة مقالنا عن أنواع القصص المستخدمة في السينما: 7 أنواع للـ storytelling تم استخدامهم في السينما

دعنا نلقي نظرة تحليلية على هذه العناصر كما هي في الفيلم، لنتعلم معًا كيف نستخدم أدوات القصة في إنتاج عمل متكامل. ولا تنسى مشاهدة فيديو ميديستا واستمتع بمعلومات شيقة عن الـStorytelling.

 

  1. التيمة في فيلم Tenet

الفكرة العامة التي رغب الكاتب بسردها هي الانعكاس الزمني أو الـ Inversion. حيث مجموعة من الأشخاص  يُصارعون خطرًا يهدد العالم، عن طريق عميل سري يسافر في ملحمة جاسوسية عبر الزمن، للكشف عن حقائق هذا الخطر وإنقاذ العالم بأكمله.

  1. الفضاء الحكائي في فيلم Tenet

الزمان والمكان الذي تمت فيه القصة، وقد بدأت القصة في دار الأوبرا في أوكرانيا بين الحاضر والمستقبل في 7 دول مختلفة!

لقد تم تصوير فيلم Tenet بداية من دولة إستونيا الأوروبية ثم المملكة المتحدة وإيطاليا والهند وكانت تلك رغبة كريستوفر في تقديم التنوع.

لكن يمكننا جزم الأمر بأن فيلم tenet نفسه ليس له زمان ثابت ولا مكان ثابت، مما يثير غموض الفضاء الحكائي، ويجعلك تسافر معه من زمنٍ لآخر ومن مكانٍ لآخر.

  1. الحبكة في فيلم tenet

وهي تسلسل الأحداث وتطورها حيث بدأت القصة بمشهد في دار الأوبرا وظهر فيها البطل (عميل الاستخبارات) يحاول اقتحام المكان، ويبحث عن شئ معين، ويقوم بإنقاذ عميل آخر كُشفت هويّته. أثناء الاقتحام  وإبطال القنابل، تحدث أمورًا غير متوقعة خارج إطار الخطة، ويجد البطل نفسه بين عدة معرقلات للمُهمة. في النهاية يقوم شخص يرتدي حقيبة ذات رباط أحمر بإنقاذه.

كان يعتقد أن سمة شخصٍ ما أنقذه، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. فلقد تم اختطافه من أجل إجباره على الاعتراف/ لكنه يأبى الاعتراف فيقوم بابتلاع كبسولة كي ينهي حياته. تلك المرة يتم إنقاذه بالفعل من  شخص يخبره أن تلك المهمة ليست إلا اختبارًا لولائه، وقال له كلمة واحدة وهي ( Tenet ) أي العقيدة، وأنها هي مربط الفرس وحل كل الألغاز.

تتطور الأحداث بمقابلة البطل للعالمة الفيزيائية "لورا"، حيث أخبرها عن الرصاص الذي وجده في دار الأوبرا، وكيف كان يتحرك بطريقة عكسية. فأوضحت له "لورا" نظرية الانعكاس الزمني، وأنهم يحاولون إنقاذ العالم والصراع من أجل البقاء.

يتتبع البطل خط سير الرصاصة كي يقوم بمعرفة مصدرها، فيصل لشخص روسي ويقوم باستغلال زوجته "كاترين" ويطلب منها أن تساعده في إيجاد زوجها والتحدث معه، مقابل سرقة لوحة بإحدى المعارض التشكيلية.

أثناء مساعدة "نيل" للبطل، فجأة يظهر شخصين مبهمين يتحركان بشكل معكوس يقوم بمطاردتهما، ولكنهما يخلون سبيله ويتركونه يذهب. وسرعان ما يكتشف أن هذين الشخصين هما الشخص ذاته.

تتطور الأحداث ويقوم البطل ونيل بسرقة “البلوتونيوم”، ولكن يتفاجئ البطل بأن هذا المُجسّم ليس البلوتونيوم. ثم يجد ذاته في حرب سيارات، حيث تظهر سيارة تتحرك بشكل معكوس، تقوم بضرب رصاصات معكوسة.

فيتفاجئ البطل بـ"كاترين" مُختطفة من قِبل "أندريه" الذي يهدده بها ويجبره على تسليم الشئ الذي حصل عليه، وهو المُجسّم مقابل حياة "كاترين" فيقوم البطل بتسليمه الحقيبة فارغة دون المُجسّم.

تتطور الأحداث كثيرًا حتى نصل إلى المعركة النهائية والتي يدرك فيها البطل أن صديقه "نيل" سوف يموت من أجل إنقاذه، ويعترف له "نيل" أنه هو السبب في تجنيده وهو من أنقذه في بداية الفيلم. أي أنه هو (الشخص الذي كان يرتدي حقيبة برباط أحمر).

في النهاية يطمئن البطل على "كاترين" ويراها بأمان مع ابنها، ويقوم هو بالمضي قدمًا لمنظمة Tenet.

  1. الوصف في فيلم Tenet

لقد أبدع الكاتب في وصف شخصية وملامح وملابس كل من شارك بالفيلم .. فمثلًا:

  • استخدم دلالات الألوان بعلم النفس، عن طريق وصف شخصية نيل في بداية ونهاية الفيلم؛ حيث لفت انتباهك في بداية الفيلم بأن شخصًا مجهولًا يرتدي حقيبة ذات رباط أحمر. لأن اللون الأحمر في علم النفس يدل على الإشراق والإثارة كي يثير فضولك ويجعلك تركز على تلك الشخصية، وفي نهاية الفيلم أخبرك أن "نيل" هو نفسه ذاك الشخص.
  • لم يطلق الكاتب على البطل أي اسم. لكنّه طوال الفيلم كان يٌسمى بالبطل "Protagonist"، وذلك قد يثير بعض الغموض كي يجعلك تعيش أجواء الاستخبارات وأن كل معلومة مهما كانت صغيرة فهي سرية للغاية، ولا يصح لأي شخص اقتحام أو معرفة تلك المعلومات.
  • جعلك الكاتب تستكشف وتحلل شخصيات الفيلم دون أن تدري. وذلك لأن عقل الإنسان بفطرته يميل للتحليل والتقييم من أجل الفهم واكتمال الصورة الذهنية. فمثًلا لقد ثبت بذهنك أن شخصية "كاترين" هي فتاة حسناء، تهتم كثيرًا بابنها وتود أن تعيش معه بأمان، وأنها شخصية لا تحب المخاطرة والمغامرة على حساب حياتها.

  1. الصراع الدرامي في فيلم Tenet

كذلك استخدم الكاتب العديد والعديد من النزاعات والأحداث المشوّقة التي أثارت فضولنا للاستمرار حتى النهاية.

بدايةً من الإنقاذ المزيف الذي كان اختطافًا، ثم مقابلة شخص في السفينة وإخباره بكلمة السر Tenet، استكمالًا بالصراعات التي حدثت بشكل معكوس؛ وفي النهاية تضحية "نيل" من أجل صديقه وإنقاذ العالم.

الآن وبعد اكتشاف تكنيك Tenet السحري وتطبيقه بشكل عملي في هذا المقال. تستطيع أن تخوض تجربة الكتابة الإبداعية وكتابة القصص بشكل رائع وجديد.

أخبرنا في تعليق: ما هو فيلمك المُفضّل؟