منذ قديم الأزل يدور صراع تقليدي حول سؤال: هل الكتابة موهبة أم مهارة يمكن اكتسابها؟ ومازال يدور حتى الآن. لكن الشيء الذي لا يقبل الجدال هو أنه إذا كانت الكتابة موهبة فيجب تنميتها، حتى تقترن بالمهارة والممارسة، ولا يعني الاعتماد على الموهبة بشكل كامل المهارة التامة.

عادة ما يعتقد البعض أن عملية إنتاج المحتوى بأنواعه المختلفة لا تتطلب سوى ورقة وقلم، والاعتماد على الموهبة والحس الإبداعي، حتى يصل الكاتب إلى إنتاج محتوى ناجح في تحقيق الهدف المطلوب.

وبالطبع هذا المفهوم مغلوط لأن كواليس إنتاج محتوى مكتوب، تتطلب الكثير من البحث والمجهود للعثور على المدخل والطريقة المناسبة التي تخدم الهدف الأساسي للمحتوى.

يمكنك قراءة مقالنا عمّا يحدث قبل عملية الكتابة: 5 خطوات أساسية تسبق كتابة المحتوى

من أين تأتي الأفكار الناجحة؟

عند طرح هذا السؤال، فإن أول إجابة ستتبادر إلى ذهنك هي الحس الإبداعي للكاتب. لكن الحقيقة أن المحتوى الناجح، قد تكون فكرته الأساسية مكررة وتم تناولها أكثر من مرة قبل ذلك، ولكن المهارة التي يكتسبها الكاتب الناجح مع الوقت هي التي تؤهله إلى إعادة تدوير الأفكار، واستخدامها بالشكل الذي يخدم هدفه الأساسي من كتابة المحتوى.

فمن المفاهيم المغلوطة والمنتشرة بشكل كبير هي جملة (فكر خارج الصندوق). ولكن لما البحث خارج الصندوق وهو ممتلئ بزوايا وخبايا الأفكار التي لم تكتشف بعد؟

إذا قمت بمراقبة أفكارك بشكل عام، فستجد أنها انعكاس لما تشاهده وتسمعه باستمرار، والأمر ذاته ينطبق على الأفكار التي تراودك عند البدء في كتابة المحتوى. فالأفكار الناجحة ما هي إلا حصيلة المحتوى الذي تتعرض له باستمرار، ولكن بإضافة حسك الإبداعي لها واستخدامها بالشكل الذي يناسب الهدف من المحتوى الخاص بك.

عطل مفاجئ في محرك الأفكار

من المشكلات التي تواجه كتاب المحتوى بشكل عام، سواءً كانوا من المحترفين أو المبتدئين هي الشعور بعطل مفاجئ في محرك مكنة القماش – الأفكار- وغالبًا ما يحدث العطل في الوقت غير المناسب تمامًا، مثل اقتراب ميعاد تسليم أحد المهام، أو حتى أثناء العمل على كتابة محتوى ما.

هذه المشكلة قد تسبب الإحباط الشديد، خاصةً للمبتدئين في عملية صناعة المحتوى، فيعتقد أنه لا يمتلك المهارة أو الموهبة الكافية للخوض في هذا المسار، ولكن الواقع أن هذه المتلازمة والتي تسمى بالـ "writer's Block" أو قفلة الكاتب، مصاحبة للجميع سواءً كانوا من المحترفين أو المبتدئين، ولكن طريقة التعامل معها هي من أهم العوامل التي تجعل منك كاتب محترف وعلى درجة كبيرة من المهارة.

لذا، يرى علماء النفس أن مشكلة قفلة الكاتب هي عرض طبيعي، يحدث ويزول من تلقاء نفسه، ولكن لها بعض الأسباب والتي أرجعوها إلى 3 سلوكيات خاطئة يقوم بها بعض الكتاب وهي: 

1- الانقطاع عن الكتابة لفترات طويلة

يقول علماء النفس أن ممارسة الكتابة مثلها مثل تمارين الجسم والعضلات التي تحتاج إلى المواظبة عليها بشكل منتظم، حتى يشعر الشخص بالسلاسة في الحركة، وأنه نشاط معتاد لا يكلفه مجهود وصعوبة أول تمرين. 

الأمر نفسه ينطبق على الكاتب، فالعضلة الأساسية التي يستخدمها ويمرنها بشكل منتظم هي عقله، فلا تتوقع عزيزي الكاتب نتائج مذهلة وأفكار إبداعية في أول تمرين لك بعد انقطاع طويل، ولا تضغط على عقلك كثيرًا حتى لا يصاب بالشد العضلي أو بالـ Writer's Block.

2- الضغط الدائم

يحقق لك التوازن دائمًا المعادلة الصعبة، فكما ذكرنا في النقطة السابقة أن الانقطاع عن الكتابة لفترات طويلة يسبب قفلة الكاتب، والضغط المتواصل سبب في ذلك ايضًا.

فقد أجمع المحترفين من كتاب المحتوى أن إلزام عقلك بإنتاج كم كبير من الأفكار أو المحتوى والكلمات يتسبب في نضوب الأفكار في منتصف العمل، ولكن العمل بشكل يومي وبعدد ساعات يتناسب مع مقدرة عقلك وصحتك النفسية، هو ما يساعد بشكل كبير في إنتاج محتوى إبداعي يشعرك بالرضا دون ضغط.

3- البحث عن الكمال

بئر البحث عن الكمال ابتلع الكثير من الأفكار الرائعة التي كانت تتطلب العمل عليها بشكل دقيق حتى تصبح كما تريد، ولكنك ألقيت بها في هذا البئر لأنك شعرت أنها ليست كاملة. 

البحث عن الكمال هو من أكبر العقبات التي تواجه كتاب المحتوى الإبداعي بشكل عام -ومن موقعي هذا أحدد التسويق بالمحتوى بشكل خاص-، فهناك ترويج بشكل مستمر إلى أن الفكرة الرائعة أو (المطرقعة) التي تحقق النجاح والتأثير المطلوب، هي الفكرة الكاملة التي تنتج عن الحس الإبداعي لصاحبها، فتبدأ بالشعور أنك لا تمتلك هذا الحس لأنك جلست بانتظار الوحي أو الفكرة ولكنها لم تأتي.

تلك الفكرة العظيمة هي نتاج أفكار ومحاولات وعصف ذهني، من الممكن أن يكون قد استمر إلى عدة أيام أو شهور، وتم استبعاد الأفكار غير المناسبة منها، حتى الوصول إلى الهدف المطلوب، هذا ما يسبب عادة فكرة التسويف في إنجاز المهام التي بانتظارك.

وتتكاثر بمرور الوقت. لذا، يعد تخلصك من البحث عن الكمال هي بداية الطريق في إنجاز مهامك، والنجاة من سيف الموعد النهائي للمهام (Deadline).

أفكار يحبها الجميع

لمس أعمق نقطة في عقل قارئ المحتوى الخاص بك ليس بالأمر الصعب أو المستحيل، ولكن الأمر يتطلب منك أن تتعرف إليه جيدًا فلا تضع أمامه وجبة دسمة من المعلومات، قبل أن تسأله وتعلم هل يفضل تناولها في شطائر سريعة وشهية أم يفضلها في طبق رئيسي مُزخرف؟

إذا استطعت الوصول لتلك الإجابة فقط قطعت نصف الطريق في الوصول إليه، وأقدم لك هنا العلامات الإرشادية لطريق أكثر أمانًا، وبعض أنواع الأفكار التي يفضلها الجميع:

  1. القوائم (Lists)

هل تتذكر عدد المرات التي لفت انتباهك فيها عنوان محتوى عن 5 طرق من البلا بلا لحل مشكلتك؟ القوائم من أنواع المحتوى التي يتفق على حبها الجميع لأنها تخبرك قبل البدء في القراءة على ما ستحصل عليه بعد الانتهاء.

مثال هو مقالنا الحالي الذي يتحدث عن كتابة المحتوى، ويقدم لك 10 طرق لمساعدتك على الحصول على الأفكار من أجل كتابة المحتوى، كما ستكتشف في النقاط التالية.

  1. المحتوى الإرشادي (How To)

هل تعلم المثل الصيني الشهير لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف اصطاد؟

هذا ما يريد جمهورك الحصول عليه، وهو الطريقة أو الكيفية خطوة بخطوة لعمل الشيء. وذلك النوع من المحتوى يساهم بشكل كبير في بناء الثقة بين الجمهور والعلامة التجارية بوجودك ككاتب محتوى.

مثال: كيف تعزز علاقة العميل بعلامتك التجارية؟

  1. السؤال والجواب

القارئ يحب أن يرى بعينيه ما يدور في ذهنه من أسئلة والإجابة عليها، ولكن إذا استطعت أن تجيب على أسئلته وأنت تخبره أن تلك الإجابات من مصدر موثوق ومعروف له، فقد ربحت نقطة إضافية منه.

  1. لماذا؟

صيغة السؤال هي ما تثير الفضول دائمًا ووقع السؤال بأداة الاستفهام لماذا عادة ما يكون مؤثر في ذهن العميل، لأنه يقرأ المحتوى الخاص بك للوصول إلى الإجابة.

  1. دراسة الحالة (Case Study)

من أنواع المحتوى التي تطرح بشكل عملي مفصل حل لمشكلة قد تكون مشابهة لمشكلات عملائك، فهي تطرح مثال واضح مع شرح الحل والنتيجة النهائية، فهي تطلب الكثير من المجهود في البحث والكتابة ولكنها تسفر عن نتائج عظيمة.

  1. اللقاءات (Interviews)

هي متجر أفكار كتابة المحتوى، فعمل اللقاءات مع المؤثرين في المجال الذي يدور حوله اهتمامات عملائك، سيوفر لك حصيلة فكرية من خلال فتح النقاشات معهم والتطرق إلى العديد من الزوايا التي لم تكتشف بعد، إلى جانب استخدام الاقتباسات المؤثرة في اللقاء.

  1. شهادات العملاء (Testimonials)

الاستشهاد بتجارب وآراء العملاء السابقين في المحتوى الخاص بك، يمثل شهادة الخبرة. فهو يستقطب لك عملاء جدد متشوقون إلى تجربة مميزات منتجك الذي يتحدث عنه الجميع.

  1. السرد القصصي (Story Telling)

الحكايات ثم الحكايات يحبها الصغار وتجذب الكبار. لذا أخبرني عن منتجك من خلال قصة يكون هو بطلها وبسرد قصصي محكم الأركان.

يمكنك قراءة مقالنا عن القصة: السر يكمن في الـ Story-telling

  1. أخبار عن الصناعة

مشاركة عملائك بمحتوى دوري، يتحدث عن أحدث التطورات في الصناعة الخاصة بك، يجعل منك مرجع لهم لمتابعة التحديثات وخيار أول عند اتخاذ قرار الشراء.

  1.  الاقتباسات( Quotes)

وهو استخدام أشهر اقتباسات المؤثرين في الصناعة أو المجال الخاص، ويمكن توظيفها في أنواع المحتوى الأخرى كما سبق وذكرنا في النقطة رقم 6.

4 نصائح تساعدك عندما تنفذ منك الأفكار

أخيرًا يمكن أن تستخدم تلك النقاط التالية، لإرشادك وقت نضوب منبع الأفكار:

  1. انظر جيدًا داخل الصندوق وابحث في زواياه ولا تتجه خارجه، فستجد به الكثير من الأفكار التي لم تكتشف بعد.
  2. كل فكرة عبقرية هي بالأساس فكرة معاد تدويرها وتوظيفها بالشكل الملائم.
  3.  اختبر أشياء جديدة من خلال المحتوى الخاص بك، من خلال طرح الأسئلة على جمهورك المستهدف وستتفتح أمامك الأفكار.
  4. لا تجلس بانتظار الفكرة بل ابحث عنها فيما حولك فالبحث يولد الأفكار.

وإذا شعرت بوجود قفلة الكتابة، يمكنك قراءة مقالنا: دليلك المختصر إلى التغلّب على الـCreative Block

شاركنا في التعليقات: هل تتذكر أفضل قطعة محتوى لك؟ أخبرنا بعد القراءة هل تندرج تحت أي نوع من الأنواع السابق ذكرها؟ أم هي تمثل نوع آخر ترغب في مشاركتنا به؟