إذا أردنا التدقيق في أهم مميزات التسويق الرقمي، سنجدها تتمثل في القدرة على الاستهداف التفصيلي للعملاء، والوصول إليهم بالطرق التي تناسبهم، ومن ثم تحقيق معدلات التحويل المطلوبة، وإتمام عمليات البيع بنجاح. في هذه الحالة يظهر لنا أحد أهم الأسئلة وهو: كيف يتحقق هذا الاستهداف التفصيلي؟

يبدو الأمر وكأنّه سلسلة من الوظائف التي تشمل صانع المحتوى أو كاتب الإعلانات، بالتعاون مع فريق التصميم، حتى نحصل في النهاية على المحتوى الذي نستخدمه في جذب العملاء. في الواقع، تكتمل هذه السلسلة بوجود الـMedia Buyer، الذي ربما يكون هو المتحكم في نجاح أو فشل كل مجهوداتك التسويقية. في هذا المقال، سأقدم لك 8 نصائح، لتساعدك على النجاح في عالم الـMedia Buying.

1- قبل البدء: قم بواجبك جيدًا

الـMedia Buyer يؤدي واجبه جيدًا قبل أي شيء، فهو يبحث ويدرس كثيرًا قبل تنفيذ أي حملة إعلانية. لذا، عندما تبدأ عملًا، لا تدخل مباشرةً على التنفيذ، لكن حاول دراسة الوضع من حولك، ودقق في كل شيء يتعلق بالجمهور الذي تنوي استهدافه، وأيضًا أبرز المنافسين لعميلك.

لذا تذكر باستمرار؛ أنت أيضًا بحاجة إلى Brief من عملائك بشأن جمهورهم المستهدف والمنافسين، لتملك صورة واضحة تقدر على استثمارها، وتحولها إلى خطوات عملية. لا تكتفِ بهذه المعلومات من عملائك، بل ابحث بنفسك، حتى تكون قادرًا على تتبع منافسيك وتحليل طريقة عملهم، وبالتالي تملك استراتيجيات مناسبة للتغلب عليهم.

2- فهم أساسيات الإعلانات الممولة في المنصات التي تعمل بها

 

ربما يعتمد كل شيء فعلًا على الـPersona التي تملكها (والمقصود منها هو شخصية العميل المثالي لمشروعك)، لكن هذا لا يعني أنّ طريقة الاستفادة منها واحدة، وذلك لسببين رئيسيين:

1- تعمل كل منصة بطريقة مختلفة عن الأخرى، وبالتالي فهي تتمتع بنظام مستقل، وDashboard (لوحة التحكم في تنفيذ الإعلانات) خاصة بها، وآلية محددة لتنفيذ الإعلانات، إلى جانب بالطبع امتلاكها لأدوات معينة خاصة بها. مثلًا ستجد فيسبوك يمتلك أداة Facebook pixel، وهي أداة لا تجدها على منصات أخرى، أو قد تتواجد بصورة مختلفة عن فيسبوك.

2- يختلف سلوك جمهورك من منصة لأخرى، فلن تجد جمهورك يتصرف بالطريقة ذاتها على جميع المنصات. مثلًا في فيسبوك، يهتم الجمهور بالتصفح السريع، بينما على محركات البحث فهم يبحثون عن معلومات كاملة وإجابات دقيقة، وبالتالي تختلف طريقة استجابتهم للإعلانات.

لذا، من خلال إدراكك لهذه النقاط، فأنت مطالب بفهم المنصات التي تعمل بها من الناحية التقنية ومن ناحية الجمهور كذلك، وطريقة تفاعله مع المنصة، وسبب استخدامه لها. ركّز على معرفة آلية العمل بالضبط، وما هي أنواع الإعلانات التي تقدمها كل منصة، وكذلك طريقة عمل الخوارزميات في التفاعل مع الإعلانات.

مثلًا هل تواجد مواسم معينة يحدث فيها اختلاف في أسعار الإعلانات؟ ما هي العوامل التي تتحكم في نجاح الإعلان حسب طريقة عمل هذه المنصة؟ لا تحاول العمل على كل منصة بالطريقة ذاتها، ولا تعتقد أنّ خبرتك في منصة معينة، سيعني بالتبعية وجود خبرة في المنصات الأخرى.

3- التحدث بلغة البيانات والأرقام دائمًا

الـMedia Buyer هو شخص يتحدث بلغة البيانات والأرقام دائمًا، ولا يحاول التعامل وفقًا لافتراضاته الشخصية، أو يتأثر بطريقة رؤيته للأمور المختلفة، فهو شخص لا يؤمن بالافتراضات أبدًا، وسلاحه الأساسي هو السؤال: ماذا تقول الأرقام عن هذه الفكرة؟

لحسن الحظ تقدم أغلب منصات الإعلانات سبل تتيح لك تتبع أرقام إعلاناتك والاستفادة من ذلك في تقييم فاعلية أدائك، فتقدر على معرفة جودة عملك. من أهم المقاييس التي ستحتاج إلى استخدامها في الإعلانات: 

  1. ROI (Return On Investment): يشير العائد على الاستثمار إلى إجمالي النتيجة التي تحصل عليها من مجهوداتك التسويقية.
  2. ROAS (Return On Advertising Spend): يشبه هذا المقياس العائد على الاستثمار، لكنه مخصص لحساب تكلفة حملة إعلانية محددة لا إجمالي المجهودات المبذولة.
  3. CPC (Cost Per Conversion): يعد قياس تكلفة التحويل مهمًا لمعرفة إذا كانت إعلاناتك تحقق أهدافها فعلًا أو لا.
  4. CPA (Cost Per Acquisition): يشير هذا المقياس إلى التكلفة التي تدفعها في التسويق لجذب عميل واحد لمشروعك.
  5. CPC (Cost Per Click): تشير تكلفة النقرة إلى المبلغ الذي تدفعه في كل مرة ينقر فيها مستخدم على إعلانك. يشيع استخدام هذا المقياس في إعلانات جوجل تحديدًا.

لذا، لتكون ناجح في هذا المجال، فأنت بحاجة إلى تعلم قراءة الأرقام جيدًا، واستنتاج ما تعنيه هذه المقاييس بالنسبة لعملك، ومقارنتها مع خططك، لتدرك الإجراءات التي تحتاج إلى القيام بها. كلّما كنت قادرًا على قراءة الأرقام بطريقة صحيحة، ستقدر على أخذ قرارات مناسبة لعملك.

4- التجربة هي مفتاح القرار

هل ستنجح هذه الفكرة؟ الـMedia Buyer الناجح لا يكتفي بإجابته النظرية على هذا السؤال، ورغم خبراته فهو لا يجعلها الأساس الوحيد الذي يستند عليه في الحكم، بل يتعامل مع التجربة على أنّها مفتاح لقراراته. بالتالي، عندما تكون لديك فكرة معينة، لا بد من معرفة كيفية اختبارها. فإذا كانت الأرقام هي سلاح الـMedia Buyer، فالتجربة هي خزنة رصاص هذا السلاح.

توجد العديد من طرق تجربة واختبار الأفكار، من أشهرها الـA/B Testing، الذي يعتمد على تجربة فكرة معينة بثبوت جميع العوامل، وتغيير عامل واحد فقط، ثم المقارنة بين النتائج في النهاية. مثلًا، تجربة الإعلان ذاته بأكثر من تصميم بصري، لمعرفة أيها يحقق نتائج أفضل مع العملاء. يمكن أيضًا تجربة تغيير نص الإعلان، لمعرفة أي كوبي تحقق النتيجة الأفضل، وهكذا.

5- إجادة التخطيط جيدًا لميزانية الإعلانات

غالبًا ما يملك الـMedia Buyer بين يديه ميزانية الإعلانات، ويقرر كيفية إنفاقها بما يتناسب مع المشروع الذي يعمل عليه. لذا، لا بد من أن تكون لديه القدرة على التخطيط جيدًا لعملية الإنفاق، من خلال القدرة على تحديد الميزانية المطلوبة أساسًا، وكيفية إنفاقها بما يتوافق مع احتياجات المشروع.

لذا، من المهم معرفة الآليات المناسبة لتخطيط الميزانيات، واختيار المبالغ التي سترغب في إنفاقها على المشروع، وكذلك تحديد المنصات التي ستنفق أموالك بها، فليس ضروريًا العمل على جميع المنصات في الوقت ذاته. يمكنك توظيف التخطيط بناءً على التجارب والأرقام، لتضمن فاعلية النتيجة في النهاية.

6- تعلم كيفية إنتاج صفحات هبوط فعّالة

 

تعد صفحات الهبوط (Landing pages) من أهم أدوات الـMedia Buyer الناجح، فهي الأداة التي يقدر من خلالها على جذب عملاء جدد، إذ تمثل صفحة الهبوط الصفحة التي تستخدم لإرسال حركة المرور إليها. يمكن تمييز صفحة الهبوط بتحقق المعايير التالية:

  • عنصر واحد فقط: تركز صفحة الهبوط على عنصر واحد فقط، وبالتالي فهي ترتبط برسالة تسويقية محددة، ترغب في وصولها إلى القارئ بأسهل طريقة ممكنة.
  • إجراء واحد فقط: امتدادًا للنقطة الماضية، تركز صفحة الهبوط على الدعوة لإجراء (CTA) واحد فقط، مثلًا الاشتراك في شيء محدد، أو الدعوة لشراء منتج بعينه.
  • طول الصفحة: لا يوجد حد أدنى ولا أحد أقصى لطول صفحة الهبوط، ولكن الأهم أن يكون المحتوى الموجود بها متوافقًا مع الرسالة والإجراء المطلوب.

إذًا يمكن أن تتضمن صفحة الهبوط أيًا من أشكال المحتوى، وذلك وفقًا للهدف التسويقي الذي ترغب في تحقيقه. بالتالي، كلّما كنت قادرًا على تصميم صفحة الهبوط بما يتفق مع هدفك من استخدامها، ستقدر على تحقيق معدلات تحويل عالية من خلالها.

7- تصميم الـFunnels بالطريقة المناسبة

يعد تصميم الـFunnels من أهم مهارات الـMedia Buyer المتميز، فهو لا بد وأن يتعلم كيفية التخطيط لنقل عملاء المشروع الذي يديره من مرحلة لأخرى داخل رحلة العميل. يشير مفهوم الـFunnel في التسويق، أو إذا ترجمتها فعلًا إلى (القمع)، إذ يبدأ الأمر باستهداف أعداد كبيرة، ومحاولة خلق الاهتمام بعلامتك التجارية داخلهم، ثم ينتقل الأشخاص تدريجيًا من مرحلة لأخرى داخل هذا القمع، وصولًا إلى الشراء، وختامًا بتحول بعضهم ليكونوا عملاء أوفياء.

السؤال الأهم في هذه الحالة هو: هل ستنتظر حتى يتحرك العملاء داخل الـFunnel بأنفسهم؟ وكيف ستضمن استهداف العملاء المحتملين فعلًا فتحدث عمليات الشراء المطلوبة في النهاية؟ هنا يأتي دور الـMedia Buyer، فهو يقدر على اختيار المنصات، ويرسم الـFunnel الخاصة بالمشروع، ثم يبدأ تنفيذ حملاته الإعلانية اعتمادًا على ذلك.

مثلًا، سيبدأ الاستهداف من خلال إعلانات على الفيسبوك، مع وضع رابط من الموقع الإلكتروني للمشروع، ومن خلال Facebook pixel سيقدر على إعادة استهداف العملاء مرة أخرى بمحتوى بيعي، وبعدها يجمع طلبات العملاء الراغبين في الشراء ليرسلها إلى فريق المبيعات لإتمام البيع.

تجهيز هذا التصور يتطلب دراسة جيدة لمتطلبات المشروع، وكذلك معرفة العملاء والمنافسين جيدًا، إلى جانب القدرة على الاختبار واستخدام الأرقام، وبالطبع توظيف صفحات الهبوط لتحفيز العملاء على الانتقال من مرحلة إلى أخرى داخل الـFunnel. لذا، يمكن التعامل مع هذه النصيحة على أنّها تتويج لجميع مجهوداتك، إذا كنت قادرًا على تنفيذها بالصورة الصحيحة.

8- النجاح يكمن في عقليتك

النصيحة الأخيرة هي إدراك أنّ الـMedia Buyer لا يعتمد في نجاحه على الأدوات فقط، لكن الأساس لنجاحه يكمن في عقليته، وقدرته على إدارة هذه المهمة بمنهجية وعقلية متميزة، فيحرص على التعلم من تجاربه وأخطائه، ويحاول تطوير أسلوبه واستراتيجياته في تنفيذ الإعلانات.

كثيرًا ما يظن الناس أنّ نجاح حملاتهم الإعلانية، أو السبب في فشلها، يعود فقط إلى الخطوات الفنية داخل الـDashboard الخاصة بمنصة الإعلانات. لكن الواقع هو أنّ كل شيء يبدأ من عقلية الـMedia Buyer، فهو القادر على قيادة المشاريع إلى النجاح، أو ربما يكون المتسبب في فشلها.

ختامًا، أتمنى لهذه النصائح مساعدتك على المضيّ قدمًا في رحلة العمل في مجال الـMedia Buying، وأرجو أن تشاركني في التعليقات إذا لديك أي نصيحة أخرى ترغب في مشاركتنا بها حول هذا المجال.